يشتكي الكثير من الذين عاشوا فترات من حياتهم في دول غربية ويصفون أنفسهم بأنهم من المثقفين والعلماء ، يشتكون من التخلف والرجعية التي تعم الدول الإسلامية ومجتمعاتها،ناسبين هذا التخلف تارة إلى الجهل المطبق الذي تعيشه الأمة،وتارة تتغلب عليهم الوقاحة لينسبوا هذا التخلف إلى تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
ولكن كيف توجه هذه الاتهامات إلى الدين الذي ارتضاه الله –عز وجل- لنا مهما كانت تغيرات الزمان والمكان إلى أن تقوم الساعة؟
من وجهة نظري فإن الغالبية العظمى من المشاكل الاجتماعية والأسرية في البلدان المسلمة هي بسبب استبدال قانون (الحلال والحرام) الرباني بقانون (العيب والعادي) الوضعي،فبينما يظل القانون الرباني ثابتاً في كل مكان،نجد أن القانون الوضعي يتغير بتغير الأهواء والميول ووجهات النظر البشرية القاصرة!!
ففي الوقت الحاضر تتنوع قواعد المجتمع بتنوع الناس فيه،وتتبدل حتى في البلد الواحد.
فسفر الشاب إلى دول معينة للجري وراء المحرمات أصبح (عادي...طيش شباب) بينما خروج الفتاة مع شاب سراً أصبح (عار)
وخروج الرجل من السجن يعني (توبة وحياة جديدة) بينما خروج المرأة من السجن يجعلها (عار يجب محوه بقتلها)،كما حدث في الأردن قبل عدة سنوات عندما قضت امرأة مدة طويلة من عمرها في السجن وبعد خروجها وهي كبيرة في السن أطلق عليها أحد أقاربها الرصاص وأرداها قتيلة!!
بينما ينص القانون الرباني على (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) 1.
ونصيحة الغير كانت في القانون الرباني(أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر) ولكنها في القانون الوضعي (لقافة!لا تدخل خشمك في شي ما يخصك!)
وبعدما كان سب الديانات في القانون الرباني (محرماً) أصبح في القانون الوضعي (حرية تعبير)!
ويسمح القانون الوضعي للرجل بالزواج بأربع نساء يعملن من أجله ولا يعمل إلا للأخيرة على أساس (ارمي العجوز وانتاجها، وجدد شبابك اللي راح معاها) ، بينما يردف القانون الرباني جواز التعدد بـ(فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)2، وقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- : (من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط)3.
كما يمنع القانون الوضعي الفتاة من إبداء مفاتن جسدها لأنه (عيب يا قليلة الأدب) بينما يعلق الشاب بصره على جسد الراقصة و المغنية في التلفزيون أو على الطبيعة لأن (كل العالم صاروا كذا!يعني وين أودي عيوني؟!) ، أما في القانون الرباني فإن تغطية الفتاة جسدها (سِتر وصيانة لها) ونظر الرجل للمرأة الأجنبية (نظرة حرام).
وعلى سيرة الستر والمحارم...ففي القانون الوضعي أبناء العمومة وأبناء الأخوال وأزواج العمات والخالات وأزواج الأخوات هم من محارم الفتاة لأنهم (زي الأخوان)،والاحتشام عنهم يؤدي إلى تمزق الأسرة وتقطعها و(قصقصتها بالمقصات)، أما في القانون الرباني فإن المحارم واضحون في سورة النور الآية 31 .
ومن الجدير بالذكر أن القانون الوضعي يشيد بالأطفال الذين يبدءون تعلم الكلام بالأغنية اللذيذة (آلو... بابا فيييييين؟؟) ويحيي في آباءهم هذا الحرص على التربية لبناء رجال ونساء المستقبل وإكمال مشوار (الرقاصات المحترمات والمطربين المحترمين)، في الوقت الذي يبدأ فيه أبناء الصحابة الكلام بـ(أشهد أن لا إله إلا الله).
كما وصلت بعض أجزاء القانون الوضعي إلى درجة عظيمة من درجات حفظ النسب عن طريق ربط الولد ببنت عمه وذلك منعاً من ظهور فئة مهجنة من الجنس البشري على وتيرة البغال (مين فيهم الحصان ومين الحمار؟؟) ، بينما يشدد القانون الرباني على (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض)4.
ومن بين أكثر مميزات القانون الوضعي ما يسمح به من تقدم هائل في الصناعات الطبية التي أصبحت لها قنواتها الخاصة بمعالجة المرضى بالتمتمات الخفية أو بيع الخواتم الجميلة والشموع التي تنشر السعادة في المنزل وتمحو ما تبقى لأهلها من عقول ، في الوقت الذي يرفض فيه القانون الرباني ذلك (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك)5 ، (من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)6.
كما يشجع القانون الوضعي ملاحقة المناسبات والأعياد المختلفة وخاصة أعياد الميلاد والكرسمس لأنها تساعد على (تقليل الفجوة بين المسلمين المنعزلين والغربيين المنفتحين) ، ولكن القانون الرباني لا يحتوي على أي مجاملات (من تشبه بقوم فهو منهم)7.
هذا نزر يسير من الكم الهائل من الاجتهادات و(التخاريف) التي تسبح فيها الأمة الإسلامية منذ أن بدأت (الابتكارات) الجديدة والأفكار الغريبة تظهر لتحل محل تعاليم الدين الإسلامي العظيمة المنزلة من عند خالقنا –عز وجل- الذي هو الأعلم بما ينفعنا وما يضرنا.
ثم يأتي أحد المعارضين يتفلسف ويقول: الإسلام هو سبب رجعية المجتمع ويجب أن نتخلص من الأفكار المتحجرة للدين وننشر العلم وننفتح على العالم...وووو إلخ
يا ذكي؟؟!!
……………………………………………………………………..
- سورة آل عمران 195
- سور النساء الآية 3
- وأخرج الترمذي وتكلم فيه والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط } ورواه أبو داود ولفظه { من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل } . والنسائي ولفظه { من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل } . ورواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه بنحو رواية النسائي هذه إلا أنهما قالا { جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط }
- رواه الترمذي في (النكاح)، باب (ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه)، برقم: 1084.
- رواه أحمد في مسند الشاميين برقم 16763.
- خـرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم
- أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان.
هناك 16 تعليقًا:
اخى الفاضل
اولا انا حزنت بمجردان فتح الموضوع عندى وللاسف جاء من الاخر عندما رايت كلمة
يا غبى
فهذا مناف للاسلام وتعاليمة الم يقل الرسول الكريم فى حديثة الشريف المسلم من سلم المسلمون ( الناس ) من لسانه ويده
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك جاء فى القران الكريم
ولا تنابزوا بالالقاب
صدق الله العظيم
ثم بعد ذلك وانا اتصفح الموضوع لاعلى جاء فى المنتصف هذه الفقرة
-----------------------------------
ومن الجدير بالذكر أن القانون الوضعي يشيد بالأطفال الذين يبدءون تعلم الكلام بالأغنية اللذيذة (آلو... بابا فيييييين؟؟) ويحيي في آباءهم هذا الحرص على التربية لبناء رجال ونساء المستقبل وإكمال مشوار (الرقاصات المحترمات والمطربين المحترمين)، في الوقت الذي يبدأ فيه أبناء الصحابة الكلام بـ(أشهد أن لا إله إلا الله).
-------------------------------------
يعنى ايه فى اى مادة من القانون الوضعى الوحش جاء ذكر هذه الفقرة
طبعا انا اسف لاننى لم اكمل باقى الموضوع لم استطع بعد ان شاهدت هاتين الفقرتين
شكرا لك
السلام عليكم
......جزاك الله خيرا على الموضوع .....و نفع بك
الأخ حسن توفيق...
جزاك الله خيراً على النصيحة،وقد قمت بتعديل نهاية الموضوع :)
أما بالنسبة للقوانين الوضعية المذكورة فهي ليست موجودة في بلد واحد كلها،وإنما تتفاوت من بلد لآخر ومن عائلة لأخرى ....
قانون الأطفال هذا موجود عند بعض العوائل التي تفرح عند تعليم أطفالها الأغاني بدلاً من الأذكار أو السور القرآنية القصيرة...
شكراً على الزيارة..
الأخت زيزي ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وإياكِ..نفع الله بنا جميعاً
تحية طيبة واحترام
أشكرك كثيرا على زيارتك لآفاق علمية واشكرك كثيرا على التعليق الوارد على احد مقالات المدونة ويسعدني كثيرا ان ارحب كثيرا بمساهماتكم وكتاباتكم وتعليقاتكم وملاحظاتكم في آفاق علمية
زهذه دعوة لزيارة جنسترا آفاق علمية والتي تحفل بالمئات من المقالات العلمية الهادفة والجادة
شكرا كثيرا والى اللقاء
م . امجد قاسم
السلام عليكم
موضوع جميل , و لي عودة ان شاء الله لاناقش عدة نقاط مهمة و تخص بالذات تعدد الزواج و التي لها شروط واضحة لم ارى من يفسر تلك الشروط من المفسرين.
السلام عليكم
كلامي موجه للاخ حسن توفيق
نعتك بكلمة غبي على انه كلمة لا تتنافى مع تعاليم الاسلام غير صحيح و نعتك لها بانها من الالقاب التي تحدث عنا الاسلام ايضا غير صحيح , لان كلمة غبي كلمة او صفة عامة تصف حالة معينة او شخص معين يتصرف بتصرف غير مسؤول في وقت ما, كما انها ليست كلمة سوقية حتى تصفها بالكلام الذي تحدث عنه الرسول الكريم في الحديث الشريف الذي ذكرت. و لا هي لقب من الالقاب التي تحدث عنها القرآن الكريم , فاللقب هو كلمة تصف شخص معين نسبت له نتيجة لتصرف صدر منه اما اذا وصف شخص معين بكلمة غبي هنا تكون لقب , فمثلا شخص معين اعتاد منذ صغره على اللعب بشعر رأسه , و نتيجة لهذه العادة اطلق عليه اصدقاؤه صفة ( ابو الشعر )و عندما كبر امتنع عن هذه العادة و لكن استمر الناس باطلاق صفة ( ابو الشعر) عليه,هذه الصفة ستسبب لهذا الشخص حالة نفور او نفسية سيئة لانها سترجعه الى ماض يذكره بهذه العادة و بالتالي سيكون و كأن الناس لنعتهم له بهذه الصفة او اللقب لم يغفروا له على هذه العادة .اي انهم لم يكونوا متسامحين نتيجة لتصرف او خطأ صدر منه على العلم بانه تراجع عن هذا التصرف او الخطأ الذي يكون اصلا صدر منه دون قصد . نرجع الآن الى كلمة غبي فلو اطلقت هذه الكلمة كصفة على شخص معين نتيجة لتصرف ما و استمر اطلاق هذه الصفة عليه هنا تدرج تحت مسمى الالقاب التي تحدث عنها الاسلام. فوصف كاتب الموضوع لكلمة غبي بشكل عام و لم يدرج اسما معيا تنسب له هذه الصفة فهنا لا تدرج تحت مسمى الالقاب لانها تصف حالة عامة توضح مدى تنافي او مخالفة تلك الحالة مع معتقد معين . و لا يمكن ان يسمح بوصف شيء ينافى مع تعاليم الاسلام بانه وجهة نظر وانما هو وجهة معادية للاسلام و هذا لا يعني ان نعادي تلك الوجهة بالتصرف الغير حكيم.
الأخ م . امجد قاسم
سعدت كثيراً بتعليقك...وأنا في الحقيقة من المعجبين بمدونتك وجنسترا آفاق علمية لما تحمله من نفع ومعلومات علمية حضارية...
أسأل الله أن يعينكم ويسدد خطاكم ويكثر من أمثالكم.
الأخ
Haytham G. zeidan
وعليكم السلام ورحمة الله
جزاك الله خيراً على تفاعلك وتوضيحك للأمور...
وفعلاً فتعدد الزوجات من أكثر القضايا المفهومة بطريقة خاطئة مما أدى إلى إساءة سمعة الإسلام للأسف...
أذكر مرة أسلم أحد الفلبينيين وعندما أخبر زوجته بذلك اتهمته بدخوله لمجرد الرغبة في التعدد!!
في انتظار عودتك
السلام عليكم
اريد ان اطرح مثال بسيط , يمكن أن يوضح عنوان الموضوع بصورة أخرى:
"(العيب والعادي) ضد (الحلال والحرام)"
المثال الذي سأعرضه يحدث في جميع المجتمعات العربية وهو :
منطقة او مدينة ما في دولة عربية, مجتمعها (محافظ) الكل يعي معنى هذه الكلمة في المجتمعات العربية.
في يوم ما خرج شاب من ساكني هذه المنطفة ببنطال قصير ( شورت ) , ستلاحظ بانه سيواجه انتقادا كبيرا من أهل المنطقة مع العلم أن لباسه لا يتنافى مع تعاليم الدين ( لبس الشورت للشاب ) ,ولكنه يتنافى مع تقاليد المجتمع الذي تعيشه هذه المنطقة لذلك يواجه بالانتقاد و ربما باكثر من الانتقاد .
و في نفس المنطقة ( المحافظة) خرجت فتاة تلبس لباسا (عاديا ) و لكنه لا يستر عورة المرأة كما تحدث عنه الاسلام ( و عورة المرأة معروفة لدى الجميع و لا تحتاج للتوضيح) هنا لن تجد اي تعليقا أو انتقادا من هذا المجتمع كون لبسها ( عادي ) مع العلم انه منافي للبس المحتشم لدى المرأة في الاسلام. و بالتالي - حرام - فلمذا اعطيت اهمية للعادات و التقاليد أكثر من الاهمية لتعاليم الدين ؟
هل من اعترض على لبس الشاب كونه يتعارض مع العادات و التقاليد أهم من أمر الله؟
الأخ Haytham G. zeidan
هذا ما قصدته تاماً من كلامي...
للأسف أصبح الناس يتحركون حسب التقاليد لا حسب تعاليم الإسلام...
أخي الكريم و كأنك تشاركني نفس الآلام إزاء ما أصاب فكر الناس من انعكاس الأوضاع
http://alayasser.maktoobblog.com/?cat=24705
رااااااااااااائعة
فكر واعي وكلام منطقي
جزاك لله ألف خير
الأخ طيف بدر...
أفكارنا متشابهة تماماً...
مدونتك أكثر من رائعة...
اللهم أرِنا اللحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
العزيزة منال...
شكراً على مرورك وتشجيعك...
جزاكِ الله ألف خير
إرسال تعليق